وما زال وفـد الله يقصـد مكـة *** إلى أن بدا البيت العتيق وركنـاه فضجت ضيوف الله بالذكر والدعا *** وكبرت الحجـاج حيـن رأينـاه وقد كادت الأرواح تزهق فرحـة *** لما نحن من عظم السرور وجدناه تصافحنا الأملاك من كان راكبـا *** وتعتنـق الماشـي إذا تتلـقـاه
طواف القدوم
فطفنـا بــه سبـعـاً رملـنـا *** وأربعة مشينا كمـا قـد أمرنـاه كذلك طـاف الهاشمـي محمـد *** طواف قدوم مثل ما طاف طفنـاه وسالت دموع من غمام جفوننـا *** على ما مضى من إثم ذنب كسبناه ونحن ضيـوف الله جئنـا لبيتـه *** نريد القرى نبغي من الله حسنـاه فنادى بنا أهلا ضيوفي تباشـروا *** وقروا عيونـا فالحجيـج قبلنـاه غدا تنظروني في جنان خلودكـم *** وذاك قراكم مـع نعيـم ذخرنـاه فأي قرى يعلـو قرانـا لضيفنـا *** وأي ثواب مثـل مـا قـد أثبنـاه وكل مسيء قـد أقلنـا عثـاره *** ولا وزر إلا عنكم قـد وضعنـاه ولا نصـب إلا وعنـدي جـزاؤه *** وكـل الـذي أنفقتمـوه حسبنـاه سأعطيكم أضعاف أضعاف مثلـه *** فطيبوا نفوساً فضلنا قد فضلنـاه فيـا مرحبـا بالقادميـن لبيتنـا *** إلـى حججتـم لا لبيـت بنينـاه علي الجزا مني المثوبة والرضى *** ثوابكـم يـوم الجـزا أتــولاه فطيبوا سروراً وافرحوا وتباشروا *** وتيهوا وهيموا بابنا قـد فتحنـاه ولا ذنب إلا قـد غفرنـاه عنكـم *** وما كان من عيب عليكم سترناه فهذا الـذي نلنـا بيـوم قدومنـا *** وأول ضيـق للصـدور شرحنـاه
المبيت بمنى والمسير إلى عرفات
وبتنا بأقطار المحصب من منـى *** فيا طيب ليـل بالمحصـب بتنـاه في يومنا سرنا إلى الجبل الـذي *** من البعد جئناه لما قـد وجدنـاه فلا حـج إلا أن نكـون بأرضـه *** وقوفاً وهذا في الصحيح روينـاه إليـه ابتدرنـا قاصديـن إلهنـا *** فلولاه مـا كنـا لحـج سلكنـاه وسرنا إليـه قاصديـن وقوفنـا *** عليه ومن كـل الجهـات أتينـاه على علميـه للوقـوف جلالـة *** فلا زالتا تحمى وتحـرس أرجـاه وبينهمـا جزنـا إليـه بزحمـة *** فيا طيبها ليت الزحـام رجعنـاه ولمـا رأينـاه تعالـى عجيجنـا *** نلبـي وبالتهليـل منـا ملأنـاه وفيـه نزلنـا بكـرة بذنوبـنـا *** وما كان من ثقل المعاصي حملناه
الوقوف بعرفة
وبعد زوال الشمس كـان وقوفنـا *** إلى الليل نبكـي والدعـاء أطلنـاه فكم حامـد كـم ذاكـر ومسبـح *** وكم مذنب يشكـو لمـولاه بلـواه فكم خاضـع كـم خاشـع متذلـل *** وكم سائل مـدت إلـى الله كفـاه وساوى عزيز في الوقوف ذليلنـا *** وكم ثوب عز في الوقوف لبسنـاه ورب دعانـا ناظـر لخضوعـنـا *** خبير عليـم بالـذي قـد أردنـاه ولما رأى تلك الدموع التي جرت *** وطول خشوع مع خضوع خضعناه تجلى علينـا بالمتـاب وبالرضـى *** وباهى بنا الأملاك حيـن وقفنـاه وقال انظروا شعثا وغبرا جسومهم *** أجرنـا أغثنـا يـا إلهـا دعونـاه وقد هجـروا أموالهـم وديارهـم *** وأولادهم والكـل يرفـع شكـواه إلـي فإنـي ربـهـم ومليكـهـم *** لمن يشتكي المملـوك إلا لمـولاه ألا فاشهدوا أني غفـرت ذنوبهـم *** ألا فانسخوا ما كان عنهم نسخنـاه فقد بدأت تلك المسـاوي محاسنـا *** وذلك وعـد مـن لدنـا وعدنـاه فيا صاحبي من مثلنا فـي مقامنـا *** ومن ذا الذي قد نال ما نحن نلنـاه على عرفات قـد وقفنـا بموقـف *** به الذنب مغفـور وفيـه محونـاه وقد أقبل البـاري علينـا بوجهـه *** وقال ابشروا فالعفو فيكم نشرنـاه وعنكم ضمنا كـل تابعـة جـرت *** عليكـم وأمـا حقـنـا فوهبـنـاه أقلناكم من كـل مـا قـد جنيتـم *** وما كان من عذر لدينـا عذرنـاه فيا من أسا يا من عصى لو رأيتنـا *** وأوزارنـا ترمـى ويرحمنـا الله
ذكر خزي إبليس اللعين
فإبليس مغموم لكثرة ما يرى *** من العتق محقوراً ذليلاً دحرناه على رأسه يحثو التراب مناديا *** بأعوانه : ويلاه ذا اليوم ويلاه وأظهر من حسـرة وندامـة *** وكل بناء قـد بنـاه هدمنـاه تركناه يبكي بعدما كان ضاحكاً *** فكم مذنب من كفه قد سللنـاه وكم أمل نلناه يـوم وقوفنـا *** وكم من أسير للمعاصي فككناه وكم قد رفعنا للإلـه مطالبـا *** ولا أحد ممن نحـب نسينـاه وخصصت الآباء والأهل بالدعا *** وكم صاحب دان وناء ذكرنـاه كذا فعل الحجاج هاتيك عـادة *** وما فعل الحجاج فيه فعلنـاه وظل إلى وقت الغروب وقوفنا *** وقيل ادفعوا فالكل منكم قبلناه
الإفاضة والمبيت بمزدلفة وذكر الله عند المشعر
أفيضوا وأنتم حامدون إلهكـم *** إلى مشعر جاء الكتاب بذكراه وسيروا إليه واذكروا الله عنده *** فسرنا وفي وقت العشاء نزلناه وفيه جمعنا مغرباً وعشاءهـا *** ترى عائداً جمعاً لجمع جمعناه وبتنا به حتى لقطنـا جمارنـا *** وربا شكرناه على ما هدانـاه ومنه أفضنا حيثما الناس قبلنا *** أفاضوا وغفران الإله طلبنـاه
نزول منى والرمي والحلق والنحر
ونحو منى ملنا بها كان عيدنـا *** ونلنا بها ما القلب كان تمنـاه فمن منكـم بالله عيـد عيدنـا *** فعيد منـى رب البريـة أعـلاه وفيه رمينـا للعقـاب جمارنـا *** ولا جرم إلا مع جمار رمينـاه وبالجمرة القصوى بدأنا وعندها *** حلقنا وقصرنا لشعر حضرنـاه ولما حلقنا حل لبـس مخيطنـا *** فيا حلقة منها المخيط لبسنـاه وفيها نحرنا الهدي طوعاً لربنا *** وإبليس لما أن نحرنـا نحرنـاه ومن بعدها يومان للرمي عاجلاً *** ففيها رمينـا والإلـه دعونـاه وإياه أرضينا برمـي جمارنـا *** وشيطاننا المرجوم ثم رجمنـاه وبالخيف أعطانا الإلـه أماننـا *** وأذهب عنا كل ما نحن نخشـاه
النفرة من منى
وردت إلى البيت الحرام وفودنا *** تحن له كالطير حـن لمـأواه وطفنا طوافا للإفاضة حولـه *** وفزنا به بعد الجمار وزرنـاه ومن بعد ما زرنا دخلناه دخلة *** كأنا دخلنا الخلد حين دخلنـاه ونلنا أمان الله عنـد دخولـه *** كذا أخبر القرآن فيما قرأنـاه فيا منزلاً قد كان أبرك منـزل *** نزلناه في الدنيا وبيتاً وطئنـاه ترى حجةً أخرى إليه ودخلـةً *** وهذا على درب الورى نتمناه فإخواننا ما كان أحلى دخولنا *** إليه ولبثـا فـي ذراه لبثنـاه
طواف الإفاضة
نطوف به والله يحصي طوافنـا *** ليسقط عنا ما نسينـا وأحصـاه وبالحجر الميمون عجنـا فإنـه *** لرب السما والأرض للخلق يمناه نقبلـه مـن حبـنـا لإلهـنـا *** وكم لثمة طي الطـواف لثمنـاه وذاك لنا يـوم القيامـة شاهـد *** وفيـه لنـا لله عهـد عهدنـاه ونستلم الركن اليمانـي طاعـة *** ونستغفر المولى إذا ما لمسنـاه وملتـزم فيـه التزمنـا لربنـا *** عهوداً وعقبى الله فيه لزمنـاه وكم موقف فيه يجاب لنا الدعـا *** دعونا به والقصد فيـه نوينـاه
الصلاة بالمقام والشرب من زمزم والسعي
وصلى بأركـان المقـام حجيجنـا *** وفي زمزم ماءً طهـوراً وردنـاه وفيه الشفا فيـه بلـوغ مرادنـا *** لما نحن ننويـه إذا مـا شربنـاه وبين الصفا والمروة الوفد قد سعى *** فإن تمام الحـج تكميـل مسعـاه فسبعاً سعاها سيد الرسـل قبلنـا *** ونحـن تبعنـاه فسبعـاً سعينـاه نهرول فـي أثنائهـا كـل مـرة *** فهذاك من فعل الرسـول فعلنـاه
ولما قضينـا للإلـه مناسكـاً *** ذكرناه والمطلوب منه سألنـاه فمن طالب حظاً بدنيا فمـا لـه *** خـلاق بأخـراه إذا الله لاقـاه ومن طالب حسنا بدنيـا لدينـه *** وحسنـا بأخـراه وذاك يوفـاه وآخر لا يبغي مـن الله حاجـة *** سوى نظرة في وجهه يوم عقباه
طواف الوداع
وبات حجيج الله بالبيت محدقـاً *** ورحمة رب العرش ثمت تغشاه تداعت رفاقا بالرحيل فما تـرى *** سوى دمع عين بالدماء مزجنـاه لفرقة بيت الله والحجـر الـذي *** لأجلهما صعب الأمور سلكنـاه وودعت الحجاج بيـت إلههـا *** وكلهم تجري من الحزن عينـاه فللَّه كم باك وصاحـب حسـرة *** يـود بـأن الله كـان تـوفـاه فلو تشهد التوديع يومـاً لبيتـه *** فإن فراق البيت مـر وجدنـاه فمـا فرقـة الأولاد والله إنـه *** أمر وأدهى ذاك شيء خبرنـاه فمن لم يجرب ليس يعرف قدره *** فجرب تجد تصديق ما قد ذكرناه لقد صدعـت أكبادنـا وقلوبنـا *** لما نحن من مر الفراق شربنـاه والله لـولا أن نؤمـل عــودة *** إليه لذقنا الموت حيـن فجعنـاه
ذكر الرحيل إلى طيبة وزيارة النبي عليه الصلاة والسلام
ومن بعد ما طفنـا طـواف وداعنـا *** رحلنا لمغنى المصطفـى ومصـلاه ووالله لـو أن الأسنـة أشـرعـت *** وقامت حروب دونـه مـا تركنـاه ولـو أننـا علـى الـروس دونـه *** ومن دونه جفـن العيـون فرشنـاه وتملـك منـا بالوصـول رقبـانـا *** ويسلب منـا كـل شـيء ملكنـاه لكـان يسيـراً فـي محبـة أحمـد *** وبالروح لو يشرى الوصال شرينـاه ورب الورى لولا محمـد لـم نكـن *** لطيبـة نسعـى والركـاب شددنـاه ولولاه ما اشتقنـا العقيـق ولا قبـا *** ولولاه لـم نهـوى المدينـة لـولاه هو القصد إن غنـت بنجـد حداتنـا *** وإلا فمـا نجـد وسـلـع أردنــاه وما مكة والخيف قل لـي ولا منـى *** وما عرفـات قبـل شـرع أردنـاه بـه شرفـت تلـك الأماكـن كلهـا *** وربك قد خـص الحبيـب وأعطـاه لمسجـده سرنـا وشـدت رحالنـا *** وبيـن يديـه شوقنـا قـد كشفنـاه قطعنـا إليـه كـل بـر ومهـمـه *** ولا شاغـل إلا وعـنـا قطعـنـاه كـذا عزمـات السائريـن لطيـبـة *** رعى الله عزمـاً للحبيـب عزمنـاه وكم جبـل جزنـا ورمـل وحاجـز *** ولله كـم واد وشـعـب عبـرنـاه ترنحنـا الأشـواق نحـو محـمـد *** فنسري ولا ندري بما قـد سرينـاه ولمـا بـدا جـزع العقيـق رأيتنـا *** نشاوى سكـارى فارحيـن برؤيـاه شممنا نسيماً جاء من نحـو طيبـة *** فأهلاً وسهلاً يـا نسيمـا شممنـاه فقـد ملئـت منّـا القلـوب مسـرة *** وأي سرور مثل مـا قـد سررنـاه فوا عجبـاه كيـف قـرّت عيوننـا *** وقـد أيقنـت أن الحبيـب أتيـنـاه ولقيـاه منـا بَعـدَ بُعـدٍ تقـاربـت *** فـو الله لا لقيـا تـعـادل لقـيـاه وصلنـا إليـه واتصلنـا بقـربـه *** فلله مـا أحلـى وصـولاً وصلنـاه وقفنـا وسلمنـا علـيـه وإنــه *** ليسمعنا مـن غيـر شـك فدينـاه ورد علينـا بالـسـلام سلامـنـا *** وقد زادنا فـوق الـذي قـد بدأنـاه كذا كان خلق المصطفـى وصفاتـه *** بذك في الكتـب الصحـاح عرفنـاه وثـم دعـونـا للأحـبـة كلـهـم *** فكم من حبيب بالدعـاء خصصنـاه وملنـا لتسليـم الإماميـن عـنـده *** فإنهمـا حقـاً هـنـاك ضجيـعـاه وكم قد مشينا في مكان بـه مشـى *** وكـم مدخـل للهاشمـي دخلـنـاه وآثـاره فيهـا العيـون تمتـعـت *** وقمنـا وصلينـا بحيـث مـصـلاه وكم قـد نشرنـا شوقتنـا لحبيبنـا *** وكم من غليل في القلـوب شفينـاه ومسجـده فيـه سجـدنـا لربـنـا *** فلله مـا أعلـى سجـوداً سجدنـاه بروضـة قمنـا فهاتـيـك جـنـة *** فيا فوز من فيهـا يصلـي وبشـراه ومنبـره الميمـون مـنـه بقـيـة *** وقفنـا عليهـا والفـؤاد كـررنـاه كذلك مثـل الجـذع حنـت قلوبنـا *** إليـه كمـا ود الحبيـب وددنــاه وزرنا قبـا حبـا لأحمـد إذ مشـى *** عسى قدماً يخطـو مقامـا تخطـاه لنبعث يـوم البعـث تحـت لوائـه *** إذا الله مـن تلـك الأماكـن نـاداه وزرنـا مـزارات البقيـع فليتـنـا *** هنـاك دفنـا والممـات رزقـنـاه وحمزة زرناه ومـن كـان حولـه *** شهيـداً وأحـداً بالعيـون شهدنـاه ولمـا بلغنـا مـن زيـارة أحمـد *** منانـا حمدنـا ربـنـا وشكـرنـاه ومن بعد هذا صاح بالبيـن صائـح *** وقال ارحلوا يا ليتنـا مـا أطعنـاه سمعنا له صوتـاً بتشتيـت شملنـا *** فيا ما أمر الصوت حيـن سمعنـاه وقمنـا نـؤم المصطفـى لوداعـه *** ولا دمـع إلا لـلـوداع صببـنـاه ولا صبر كيف الصبر عند فراقـه ؟ *** وهيهات إن الصبر عنـه صرفنـاه أيصبـر ذو عقـل لفرقـة أحـمـد *** فلا والذي من قاب قوسيـن أدنـاه فواحسرتـاه مــن وداع محـمـد *** وأواه مـن يــوم التـفـرق أواه سأبكي عليه قـدر جهـدي بناظـر *** من الشوق ما ترقى من الدمع غرباه فيا وقت توديعـي لـه مـا أمـره *** ووقت اللقا والله مـا كـان أحـلاه عسـى الله يدنينـي لأحمـد ثانيـاً *** فيا حبـذا قـرب الحبيـب ومدنـاه فيـا رب فارزقنـي لمغنـاه عـودة *** تضاعف لنا فيها الثـواب وترضـاه رحلنـا وخلفنـا لـديـه قلوبـنـا *** فكم جسد مـن غيـر قلـب قلبنـاه ولمـا تركنـا ربعـه مـن ورائنـا *** فـلا نـاظـر إلا إلـيـه رددنــاه لنغنـم منـه نظـرة بعـد نـظـرة *** فلمـا أغبنـاه السـرور أغبـنـاه فلا عيش يهنى مـع فـراق محمـد *** أأفقـد محبوبـي وعيشـي أهـنـاه دعوني أمت شوقـاً إليـه وحرقـة *** وخطوا علـى قبـري بأنـي أهـواه فيا صاحبي هذي التي بي قد جـرت *** وهذا الذي في حجنـا قـد عملنـاه فإن كنت مشتاقاً فبادر إلى الحمـى *** لتنظـر آثـار الحبيـب وممـشـاه وتحظى بيت الله مـن قبـل منعـه *** كأنـا بـه عمـا قليـل منعـنـاه أليس ترى الأشراط كيـف تتابعـت *** فبادر واغنمـه كمـا قـد غنمنـاه إلى عرفات عاجل العمـر واستبـق *** فثـم إلـه الخلـق يسبـغ نعمـاه وعيد مع الحجاج يا صاح في منـى *** فعيد منـى أعـلاه عيـداً وأسنـاه وضح بها واحلـق وسـر متوجهـاً *** إلى البيت واصنع مثل ما قد صنعناه وكـن صابـراً إنـا لقينـا مشقـة *** فإن تلقها فاصبر كصبـر صبرنـاه لقد بعـدت تلـك المعالـم والربـا *** فكم من رواح مـع غـدو غدونـاه فبـادر إليهـا لا تـكـن متوانـيـا *** لعلك تحظـى بالـذي قـد حظينـاه وحـج بمـال مـن حـلال عرفتـه *** وإيـاك والمـال الـحـرام وإيــاه فمن كـان بالمـال المحـرم حجـه *** فعن حجـه والله مـا كـان أغنـاه إذا هـو لبـى الله كـان جـوابـه *** مـن الله لا لبيـك حـج رددنــاه كذلك جانـا فـي الحديـث مسطـرا *** ففي الحج أجر وافـر قـد سمعنـاه ومن بعد حج سـر لمسجـد أحمـد *** ولا تخـطـه تـنـدم إذا تتخـطـاه فوا أسف الساري إذا ذكـر الحمـى *** إذا ربـع خيـر المرسليـن تخطـاه ووالهـف الآتـي بحـج وعـمـرة *** إذا لـم يكمـل بالزيـارة ممـشـاه يعزى على ما فاتـه مـن مـزاره *** فقـد فاتـه أجـر كثيـر بـأخـراه نظرناه حقـاً حيـن بانـت ركابنـا *** على طيبـة حقـاً وصدقـاً نظرنـاه وزادت بنـا الأشـواق عنـد دنونـا *** إليهـا فمـا أحلـى دنـوا دنيـنـاه ولمـا بـدت أعلامهـا وطلولـهـا *** تحـدرت الركبـان عمـا ركبـنـاه وسرنـا مشـاة رفعـة لمحـمـد *** حثنا الخطا حتـى المصلـى دخلنـاه لنغنـم تضعيـف الثـواب بمسجـد *** صـلاة الفتـى فيـه بألـف يوفـاه كذلـك فاغنـم فـي زيـارة طيبـة *** كما قد فعلنا واغتنـم مـا غنمنـاه فإذ ما رأيـت القبـر قبـر محمـد *** فلا تـدن منـه ذاك أولـى لعليـاه وقـف بوقـار عـنـده وسكيـنـة *** ومثـل رسـول الله حيـا بمـثـواه وسلـم عليـه والوزيريـن عنـد *** هوزره كـم زرنـا لنحصـد عقبـاه وبلغـه عنـا لا عدمـت سلامـنـا *** فأنـت رسـول للرسـول بعثـنـاه ومن كـان منـا مبلغـا لسلامنـا *** فإنـا بمبـلاغ السـلام سبقـنـاه فيـا نعمـة لله لسنـا بشكـرهـا *** نقوم ولـو مـاء البحـور مددنـاه فنحمد رب العرش إذا كـان حجنـا *** بزورة مـن كـان الختـام ختمنـاه عليك سلام الله مـا دامـت السمـا *** سلام كمـا يبغـى الإلـه ويرضـاه
ملاحظة : هذه القصيدة ذكرها الحافظ تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المكي المالكي النتوفى سنة 823 هـ في كتابه ( شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ) ، ونسبها إلى الأديب أبي بكر محمد بن محمد بن عبد الله بن رشد البغدادي وذكر أن صاحبها سماها ( الذهبية في الحجة المالكية والذروة المحمدية ) وعلى هذا فليست القصيدة هذه للصنعاني المتوفى سنة 1182 هـ ، حيث إن الفاسي قبله بنحو أربعة قرون . ومن باب الأمانة في الأداء ذكرناها بالنص والحرف . والله من وراء القصد. من كتاب " حكم وأقوال " محمد الطريري ..